شـــريط إهداآت

شـــريط إهداآت

الأحد، 22 مايو 2011

من الأولـى بالتغيير




بقلم : عصام العمري
لا شك أن موجة ثورات الشارع العربي وساحات التغيير التي رافقت ذلك ومثّلت التسونامي الذي قلب الكيانات وقض المضاجع وأرّق العيون وغيّر وبدّل وأعزّ وأذلّ إنما كانت نتاج معاناة طويلة متسلسلة ومتواصلة وعذابات عاشتها تلك الشعوب مع حكامها وحواشيهم وحرمت من ثروات ومقدرات وإمكانات كانت تذهب في تصاريف لا أحد يعلم إلا الله تعالى عن مصيرها وبالمقابل كان من المحظور على تلك الشعوب أن تشتكي ومن المسموح أن تبكي فلا مجال للتعبير عن الرأي ولا حرية يمكن استنشاقها مع الهواء بل كتم على النفوس والعقول والآراء.
وترى منظمة حقوق الإنسان أن هذا الذي حصل لا يكفي بل يجب هدم كل المؤسسات التي كانت تساند الأنظمة البائدة ! وهنا لا بدّ من التوقف والتمعن وإعادة النظر بالقضية بمجملها والسؤال المشروع هو هل المؤسسات التي كانت تدير الحكم في أي من الدول التي طالها التغيير هل كان وراءها اناس مستوردون من فضاء آخر « من القمر» مثلا أم هم من ذات الشعوب ومن نفس الطينة والعجينة ؟
وهل اللاحقون الذين سيحلّون محلّ السابقين سيتم استيرادهم بمواصفات رفيعة وأفضلية نوعية وسيكونون من الشفافية والحاكمية الرشيدة بحيث سيغيّرون شكل حياة شعوبهم المسحوقة وصولا للحياة الفاضلة ؟ وهل ستكون جيناتهم معدلة وراثيا ومنزوعة من كل إتصال أو صلة بالعرق العربي أو العقلية الشرقية المثقلة بسنوات المعاناة والألم والإحساس بعقدة التراجع عن العالم المتحضّر ؟ وشهية النهب والاستيلاء على كل شيء يخص الشعوب !وثقافة التمسك بالكرسي وعدم التزحزح وتوريث الجمهوريات ! لو أن منظمة حقوق الإنسان تطالب العالم أو تكلف نفسها برؤية ما تفعله إسرائيل ومؤسساتها بالعرب الفلسطينيين العزّل وما تمارسه من إذلال وقهر وتحطيم للنفوس وقلع لجذور البشر والشجر على حد سواء !الحقيقة أن العرب هم العرب ولن يتغير شكلهم عند الأفرنج سواء الذين تغيّروا أو الذين غيّروا فالجينات هي هي والسلوكيات نفسها والعرق ذاته ولا تغيير عليه وما يطلبه ما يسمى بالمجتمع الدولي وما يسطّره على حساب الأمة العربية من مسرحيات التغيير والتبديل إنما هو جزء من قائمة مخططات مرسومة منذ زمن بعيد جدا ولكن المسرحيات تكون على شكل فصول واحدا تلو الآخر والمسرح هنا ستائره حريرية ناعمة والمخرج والكاتب والسيناريست خبرتهم طويلة بعلوم الشعوب ولديهم دراية في فن التآمر ويضمرون في انفسهم خروقات وخروجات على النص ليس بالضرورة أن تكون لمصلحة الممثلين بل بالتأكيد لمصلحة المتفرجين !
كم كنا نتمنى لو أن منظمة حقوق الإنسان وهي التي تخص كل إنسان وليس العربي فقط دون غيره هذه المليئة بالعواطف والمشاعر وتغمرنا بهذا اللطف الزائد والحنان الدافق لو أنها تتحنن على الشعب المقهور المدعو شعب فلسطين فتندد بإسرائيل وبمؤسساتها البوليسية وما خلفها من سجون وأجهزة أمنية تتفنن في تعذيب العرب الفلسطينيين ليلا ونهارا وسرّا وجهارا وتنكّل بهم على مرأى ومسمع العالم أجمع وتقزّم تاريخهم وتحذف آمالهم وتقطع كل صلاتهم بالحضارة الإنسانية التي هي حق لكل البشر على حد سواء .
الأولى والأكثر حاجة للتغيير هو العقل الإسرائيلي الحاكم للشعب الأعزل والنظام البوليسي القمعي الذي يمارسه الإسرائيليون وهم الذين يجب أن يضغط عليهم المجتمع الدولي للتغيير ويحاكم قادتهم ويجيّش كل الدنيا ضد حكامهم الذين لم يسجل في المنطقة أكثر منهم ظلما ولا غطرسة وآن الأوان لمحاسبتهم على جرائمهم السابقة واللاحقة ونبذهم والحجز على حساباتهم وحصارهم وتطويقهم وعلى المتباكين على الشعوب العربية وعلى حقوقهم وآمالهم وحرياتهم البدء من عند إسرائيل ، أليست إسرائيل جزءا من المنطقة ولا بد أن يشملها التغيير.وهل يمكن للعالم أن يترك العرب يقررون بأنفسهم دون التدخل بهم تارة من الأصدقاء وتارة من الأعداء وهل يمكن للعالم ألاّ يتخيل أن العالم العربي كعكة يمكن تقاسمها في أي وقت وهل يمكن للعرب أن يدركوا أن لا أصدقاء ولا أقرباء لهم إلا أنفسهم وأن لا أحد يهمه في هذا العالم إلا مصلحته وأن إسرائيل تضحك في سرها على ما جرى ويجري في شارعنا العربي ؟؟
/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق