شـــريط إهداآت

شـــريط إهداآت

الاثنين، 20 يونيو 2011

إذ نعتذر للطفل آدم!



بقلم : عصام العمري
آدم، طفل ما زال في عمر البراعم وعمره سنتان وأربعة أشهر وفي هذا العمر يتعرض الأطفال لنكسات مرضية وحسب قدرة أجسامهم المناعية تتفاوت حالات المرض عندهم. وآدم شاء القدر أن يتعرض لالتهاب الحلق فيضطر والده لحمله على جناح السرعة إلى المركز الصحي القريب من مكان سكنه وبعد إجراءات الروتين المتبع ومع قلق والد آدم المتسارع يتاح له الدخول إلى غرفة الكشف فيدخل إلى «الحكيم» بلهفة طلبا للعلاج ويضع آدم بين يدي الطبيب الذي كان يعجّ على سيجارته بنهم وهو يحاول النهوض لفحص آدم، حاول والد آدم أن يفهم المشهد لكنه وفي مقاربة سريعة أدرك أن الوضع غير صحيح وأن أبسط القواعد الصحية تفرض على الحكيم أن يلتزم بأدب الفحص لطفل شاء القدر أن يكون مريضا بالتهاب الحلق فيقع بين يدي طبيب مدخن فيصبح مدخنا قسريا رغم غضاضة رئتيه وضعف مناعته وحاول الأب الاعتراض فحسم الطبيب الأمر فأنهى الكشف بسرعة وطمأن الأب أن الطفل بخير وأن الأمر سهل جدا ووصف الدواء على عجل تخلصا من الطفل بدل التخلص من السيجارة!.
حمل أبو آدم طفله وعديد من الأسئلة تدور في ذهنه مع إحباط بالغ دفعه للتوجه لمدير المركز وبادره بالسؤال.. هل يحق للطبيب أن يدخن في غرفة الكشف وتساءل وهو يتصنع عدم المعرفة أليس هذا ممنوعا؟ فجاء جواب المدير أكثر جدلية ومبهما وقال له: لقد صعّبت الأسئلة! صدم الأب مرة اخرى وخرج مسرعا لا يدري ما يفعل.
صحيح أن البعض بغض النظر عن مهنهم يكونون مبتلين بآفة التدخين وقد يقول قائل هذا يدخل ضمن الحرية الشخصية والتصرف الفردي ونتفق على ذلك ولكن نتساءل ألا يتعارض هذا التصرف وما يشابهه مع قانون منع التدخين في الأماكن العامة ويتناقض مع المبدأ ؟ قد يكون الطبيب مدمنا ولكن هل يحق له التدخين في غرفة الكشف؟ قد يكون هنالك من يتصدى للدفاع عن هكذا سلوك وقد نتفهم أو نتصنع الفهم أو نجامل وقد لا نقبل ونرفض وتتعدد الآراء ولكن السؤال المطروح هل سيفهم آدم وهل سيحصل آدم على فرصة الدفاع عن نفسه أمام عجز المجتمع في الدفاع عنه؟. آدم.. لا نملك إلا أن نعتذر إليك وأنا وإن لم أكن مدخنا فأعتذر نيابة وبالأصالة عن نفسي والمجتمع ومع الاعتذار خجل بالغ منك لأننا ضعفاء ولا نملك لك حماية ولم نؤمن لك فضاء مريحا صحيا وما ضمنّا لك هواء نقيا خاليا من الشوائب حتى في غرفة الكشف! لن تفعلها لأنك لن تدرك كم هو صعب أن نلتزم بالقانون في هذه الجزئية مع أننا نطبق القانون في نواحٍ اخرى أقل خطورة وكلفة وإيلاما وتأثيرا على المجتمع لكننا نتهاون في مسألة التدخين ومع أن القانون موجود لكنه في الثلاجة مع شديد الأسف!. نعتذر إليك أيها الطفل يا آدم وكم تمنيت لو أن الطبيب «الحكيم» استغل فرصة إضرابه عن العمل هو وزملاؤه وجمعوا أنفسهم في فسحة من الوقت وقاموا بزيارتك على شكل «جاهة» وأخذوا منك عطوة اعتراف بالخطأ، على الأقل صيانة لحقك الإنساني كمواطن اعتدي عليه، اسوة بجاهات تذهب إلى مناسبات أقل خطورة وأخف وقعا وبمناسبة وبدون مناسبة! ولا أعتقد أن أحدا سيمانع في الصلح فيما بعد، فالنهاية معروفة دائما (فنجان قهوة) ولكن هل ستحظى بذلك يا آدم؟
/عن الدستور 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق